بسم الله الرحمـن الرحيم
السنة في النكاحالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعــــــــد
من المعلوم أن الله تعالى منَّ على الإنسان فأوجده من العدم ولم يكن شيئاً مذكورا ، قال تعالى : { هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (الانسان:1) ومنَّ عليه سبحانه أن خلق أباه آدم بيديه - وهو أصل الإنسان - ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وفضله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا ، ومنَّ عليه سبحانه أن خلق له من نفسه زوجةً ليسكن إليها ، قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21) ومنَّ عليهما أن خلق لهما ذرية تتناسل إلى يوم القيامة ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً }(النساء: من الآية1) وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (الحجرات:13) وكرَّم الله هذه الذرية ، قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الاسراء:70) 0
والغاية الأسمى لهذا الخلق هي : القيام بالواجب الحق لعبادة الله تعالى ، قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56)
وبما أن النكاح أمر تعبدي ديني وجب أن نراعي فيه الضوابط الشرعية التي أمرنا الله تعالى بها سواء بكتابه العزيز أو بما أوحى إلى نبيه في السنة المطهَّرة 0
من تلك الضوابط : 1- اختيار المرأة الصالحة ذات الدين التي تصلح أن تكون أم لأولادك وأمينة عليهم ، فقد جاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه. وفي رواية أخرى في السلسلة الصحيحة : (فخذ ذات الدين والخلق تربت يداك) وقال أيضاً : (إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة ) أنظر صحيح الجامع 0 وقال أيضاً (00فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك 00) أنظر صحيح الجامع0 وجاء أيضاً عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي )
2- يستحب أن تكون بكرا ، إلا أن تكون له مصلحة في الثيب لما جاء عن جابر قال (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فلما قفلنا كنا قريبا من المدينة قلت يا رسول الله إني حديث عهد بعرس قال تزوجت ؟ قلت نعم . قال أبكر أم ثيب ؟ قلت بل ثيب قال فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ) متفق عليه 0
3- أن تكون ولوداً ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها قال"لا" ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ) أنظر صحيح أبي داود 0
4- كما إنه واجب على الرجل أن يتحرى عن المرأة الصالحة كذلك يجب التحري عن الرجل الصالح من قبل ولي المرأة لينكحها إياه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) حسنه الألباني في غاية المرام 0
5- النظر إلى المخطوبة ، فمن وقع في قلبه خطبة امرأة شُرٍعَ له أن ينظر إليها قبل أن يخطبها لما جاء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) حسن أنظر صحيح أبي داود - أي جاز له أن يرى شعر رأسها وكذلك ساقيها مع وجوب الستر لما يرى في حالة عدم حدوث الزواج - 0
6- الخطبة : وتتم بطلب الزواج من المرأة بالوسيلة المعروفة بين الناس ، فإن حصلت الموافقة فهي مجرد وعد بالزواج ، لا يحل للخاطب بها شيء من المخطوبة حتى يعقد عليها ، ولا يحل لمسلم أن يخطب على خطبة أخيه ، لقول ابن عمر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب ) صحيح النسائي 0
ولا يحل له خطبة المعتدة من طلاق رجعي ، لأنها زوجة ، كم لا يجوز التصريح بالخطبة المعتدة - أي ما زالت في عدتها - من طلاق بائن أو وفاة زوج ، ولا بأس بالتعريض 0
7- عقد النكاح : يجب أن يتوفر فيه ركنان إثنان وهما : الإيجاب والقبول - ومعناه رضا الطرفين ، كقول الأول وهو أحد المتعاقدين لولي المرأة أريد أن أتزوج ابنتك ، فأجابه المتعاقد الثاني وافقت أو قبلت ، أو يقول ولي المرأة للخاطب أريد أن أزوجك ابنتي على مهر معين أو شيء معين متعارف به بين الناس ، فيقول الخاطب قبلت ، يكون بهذا تمَّ الركنان،الإيجاب والقبول،أما إذا فقد أحدهما الآخر لم يصح العقد، ولكن وحتى يصح الإيجاب والقبول ويتم عقد الزواج وجب أن يتوفر فيهما شرطان إثنان :
أ- إذن الولي : لما جاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل 000) صحيح إرواء الغليل0- ولكن وإن كان لا نكاح إلا بولي، فإنه يجب على الولي استئذان من في ولايته من النساء قبل الزواج، ولا يجوز له إجبار المرأة على الزواج إن لم ترض ، فإن عقد عليها وهي غير راضية فلها فسخ العقد لما جاء عن أبي هريرة مرفوعا " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت " متفق عليه0وعن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب - فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها. رواه البخاري. وعن ابن عباس رضي الله عنهما " أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم " صحيح أبي داود 0
ب- حضور الشهود : لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) أنظر صحيح الجامع . بهذا يكون العقد صحيحاً 0
الصداق : " أي المهر " وهو واجب وحق للمرأة على الرجل ولا يحل لأحدٍ أياً كان أن يأخذ منه شيئاً إلا عن طيب نفسٍ منها لقوله تعالى : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً } (النساء:4) 0
ولم تجعل الشريعة حداً معيناً للصداق ، ولكن حثَّت على تخفيف المهور وعدم المغالاة فيها تيسيراً لعمل الزواج ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (خير الصداق أيسره ) أنظر صحيح الجامع ، وجاء عن عمر بن الخطاب أنه قال " ألا لا تغلوا صدق النساء فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية وإن الرجل ليغلى بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه " أنظر صحيح النسائي 0
ويجوز تعجيل الصداق كله ، هذا لمن ملكه ، وتأخيره كله لمن لا يملكه - حيث جاز هذا أن يتزوج وإن لم يدفع لزوجه مهراً لعدم تملكه له في الوقت الحالي ولكن يلزم نفسه به ووجب أن يوفي إذا ما توفر عنده ، لقوله صلى الله عليه وسلم " إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج " متفق عليه 0 وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أن لا يعطيها حقها ، فعن ميمون الكردي عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها فمات ولم يؤد إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان وأيما رجل استدان دينا لا يريد أن يؤدي إلى صاحبه حقه خدعه حتى أخذ ماله فمات ولم يؤد دينه لقي الله وهو سارق " صحيح الترغيب 0 -
وجاز تعجيل بعضه وتأجيل بعضه وذلك حسب المتيسر عليه ، ولكن لا يكون هذا ديدن كل من يريد الزواج كما أصبح متعارفاً عندنا اليوم فتجد أصحاب الملايين يعجل بعض المهر ويؤخر بعضه ، فهذا فيه شيء من الظلم لقوله صلى الله عليه وسلم قال " مطل الغني ظلم 000" رواه البخاري ومسلم 0
وهناك عند البعض عادة عند الخطبة وهي إلزام الخطيب شراء بعض المتاع من ثياب وذهب وغير ذلك إلى خطيبته ، وهذا لا شيء عليه من وجه التحريم مادام برضا الطرفين ، وما دام ليس شرطاً محرما ، والله أعلم 0
ملاحظة : البعض يعتقد أن مهر المرأة المتأخر لا يدفع لها إلا بالطلاق فهذا مخطئ ومغبون ، فإن كل ما يلزمه الرجل على نفسه من المهر وجب أن يدفع ، سواء دفعه لها عندما تتيسر حالته ، أو بالطلاق أو بموت إحداهما ، مثال لو أن الرجل مات وترك مالاً ولم يكن قد أمهر زوجته صداقها كاملاً ، فعندها وقبل أن يوزع على الورثة وجب أن يُؤخَذ منه ويعطى لها حقها ، وكذلك لو هي ماتت ولم تكن قد أخذت صداقها كاملا ً فعندها يجب على الزوج أن يدفع ما تبقى عليه من صداقها ويضمه إلى مالها التي تركته قبل أن يوزع على الورثة وإلا يخشى عليه أن يلقى الله زانياً كما جاء في الحديث آنف الذكر 0
خطبة النكاح : وتُستَحب الخطبة بين يدي العقد وهي التي تُسمى خطبة الحاجة ، ولفظها : " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102) 0 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء:1) 0 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:71) 0 أما بعـــــــــــــــــد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار0"
فهذا هو المشروع بين يدي الخطبة أو عقد القرآن ، وله إن شاء أن يعطي موعظة قصيرة إن أحب ، أما قراءة الفاتحة سواء عند الإيجاب والقبول ، أو عند عقد القرآن ، فإنه لا أصل له في دين الله تعالى ، فوجب التمسك بهدي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه خير الهدي ، ثم المباركة " لا نقول مبروك " ولا نقول "بالرفاء والبنين" : كما يفعل الذين لا يعلمون ، فإنه من عمل الجاهلية ، وقد نهي عنه في أحاديث ، منها : عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من جشم ، فدخل عليه القوم ، فقالوا : بالرفاء والبنين ، فقال : لا تفعلوا ذلك [ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ] ، قالوا : فما نقول يا أبا زيد ؟ قال : قولوا : بارك الله لكم ، وبارك عليكم ، إنا كذلك كنا نؤمر" أنظر أداب الزفاف للألباني 0 وفي رواية أخرى تقول " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير" 0
خاتم الخطبة : أولاً لا يجوز للرجل أن يتختم بخاتم الذهب ، ويجوز ذلك للمرأة 0
ثانياً : يجوز للرجل أن يتختم بخاتم فضة ولكن لا يجعل ذلك لأجل الخطبة ، حيث أصبح من المتعارف عند الناس إذا خطب الرجل تختم بخاتم الخطبة وخطيبته كذلك ، ويكون في أثناء الخطبة في اليد اليمنى ، وعند الزواج يُنتَقَل إلى اليد اليسرى ، فهذا الفعل لا يجوز لأنه من عادات النصارى ونهينا نحن معشر المسلمين أن نتشبَّه بالكفار- ويرجع ذلك على عادة قديمة لهم، عندما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ، ويقول : باسم الأب ، ثم ينقله واضعا له على رأس السبابة ، ويقول : الابن ، ثم يضع على رأس الوسطى ، ويقول : الروح القدس ، وعندما يقول آمين يضعه أخيرا في البنصر حيث يستقر -" أنظر أداب الزفاف للألباني 0
إعلان الزواج : يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط ، وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور ، وفي ذلك أحاديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف) ، وعن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : [ يا عائشة ما كان معكم لهو ، فإن الأنصار يعجبهم اللهو ؟ رواه البخاري وفي رواية بلفظ : ( فقال : فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني ؟ قلت : ماذا تقول ؟ قال : تقول : أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم لولا الذهب الأحم ر ما حلت بواديكم لولا الحنطة السمرا ء ما سمنت عذاريكم ) - أنظر أداب الزفاف للألباني 0 وأما ما أحدثه الناس بإنشاء الصالات ، واختلاط الرجال والنساء ، والغناء بالأغاني الماجنة والموسيقى الصاخبة ، كلها باطلة ورجس من عمل الشيطان ما أنزل الله بها من سلطان 0
متى يُستَحَب البناء - أي الزواج - : يُستَحَب أن يكون ذلك في شوال إن تيسر ، و إلا أي شهرٍ أو يومٍ له أن يتزوج ، وهذا بخلاف ما يذهب إلى الجهلة من الناس بأن الزواج بين العيدين لا يستحب ، بل منهم من يقول إنه حرام ، والله تعالى يقول : {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} (النحل:116) 0
ودليل استحباب الزواج في شوال ، جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني ؟ ". رواه مسلم . وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال - أي تزوج من تولت زواجها من النساء في شوال - أنظر صحيح ابن ماجه 0
ما يُستَحب فعله إذا دخل على زوجته :1- يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلاطفها ، كأن يقدم إليها شيئا من الشراب ونحوه لحديث أسماء بنت يزيد بن السكن ، قالت : إني قينت - أي زيَّنَت - عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جئته فدعوته لجلوتها فجاء ، فجلس إلى جنبها ، فأتي بعس لبن - أي قدح كبير لبن - ، فشرب ، ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم فخفضت رأسها واستحيت ، قالت أسماء : فانتهرتها ، وقلت لها : خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : فأخذت ، فشربت شيئا " أنظر كتاب أداب الزفاف للألباني 0
2- وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها : وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو قبل ذلك ، وأن يسمي الله تبارك وتعالى ، ويدعو بالبركة ، ويقول ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تزوج أحدكم امرأة ، أو اشترى خادما ، [ فليأخذ بناصيتها ] ، [ وليسم الله عز وجل ] ، [ وليدع بالبركة ] ، وليقل : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه " صحيح أنظر الإرواء 0
3- ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معا ، لأنه منقول عن السلف عن شقيق قال : " جاء رجل يقال له : أبو حريز ، فقال : إني تزوجت جارية شابة [ بكرا ] ، وإني أخاف أن تفركني - أي تبغضني - ، فقال عبد الله ( يعني ابن مسعود إن الإلف من الله ، والفرك من الشيطان ، يريد أن يكره إليكم ما أحل الله لكم فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين . زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود : ( وقل : اللهم بارك لي في أهلي ، وبارك لهم في ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير ] أنظر أداب الزفاف للألباني 0
4- وينبغي أن يقول حين يجامعها " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فولد بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا " متفق عليه 0
5 - كيف يأتيها : ويجوز له أن يأتيها في قبلها من أي جهة شاء ، من خلفها أو من أمامها ، لقول الله تبارك وتعالى { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }، أي : كيف شئتم مقبلة ومدبرة ، وفي ذلك أحاديث أكتفي بهذا الحديث : عن جابر رضي الله عنه قال : ( كانت اليهود تقولك إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) [ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج ] متفق عليه. ويحرَّم أن يأتيها من الدبر لما جاء من حديث أبي هريرة مرفوعا من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم رواه الأثرم " صحيح إرواء الغليل
وينبغي لهما أن ينويا بنكاحمها إعفاف نفسيهما ، وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما ، فإنه تكتب مباضعتهما صدقة لهما ، لحديث أبي ذر رضي الله عنه : ( أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، [ وبكل تكبير صدقة ، وبكل تهليلة صدقة ، وبكل تحميدة صدقة ] ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليها فيها وزر ؟ [ قالوا : بلى ، قال : ] فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له [ فيها ] أجررواه مسلم 0
جواز العزل : ويجوز له أن يعزل عنها ماءه إذا لم يؤد ذلك للضرر بها، وفيه أحاديث : الأول : عن جابر رضي الله عنه قال : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) ، وفي رواية : ( كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينهنا 0 الثاني : عن أبي سعيد الخدري قال : ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي وليدة ، وأنا أعزل عنها ، وأنا أريد ما يريد الرجل ، وإن اليهود زعموا : [ أن الموءودة الصغرى العزل ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ كذبت يهود ، [ كذبت يهود ] ، لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه ، ومعنى : " العزل : النزع بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج " . رواه البخاري ومسلم . . -
ملاحظة : وجازاستخدام الوسائل الأخرى لمنع الحمل - إذا لم تكن محرَّمة أو تلحق الضرر بآخذها - ولكن بشرط إذا كان الحمل يؤذي المرأة ويكون ذلك نصيحة من طبيب مسلم ، أو كان ذلك بسبب الرضاعة ولتتمة الحولين الكاملين وهي فترة الرضاعة أما إذا كان لغير ذلك فلا يجوز لأن الأصل في الزواج لتكثير الذرية والله أعلم 0 وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " أنظر أداب الزفاف 0
وجوب الوليمة : ولا بد من عمل وليمة بعد الدخول - وهذه هي السنة وليس كما جرت عليه العادة في هذه الأيام أنهم يولمون قبل البناء - وهي فرض واجب ، حيث لما خطب علي فاطمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنه لا بد للعرس ( وفي رواية للعروس ) من وليمة ) رواه أحمد وصححه الألباني
" وأمر بها عبد الرحمن بن عوف حين قال له تزوجت فقال له أولم ولو بشاة " متفق عليهما 0 ويستحب أن تكون لثلاثة أيام لمن كان عنده سعة ، فعن أنس قال : ( تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية ، وجعل عتقها صداقها ، وجعل الوليمة ثلاثة أيام ) أنظر أداب الزفاف ، و أن يدعو الصالحين إليها ، فقراء كانوا أو أغنياء0
- ويجب التلبية لمن دعيَ إليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب وإن كان صائما " أنظر صحيح الجامع 0 إلا إذا كان هناك معصية كالأغاني والموسيقى وتصوير الفيديو إلى غير ذلك فلا يجوز له أن يلب، إلا أن يقصد إنكارها ومحاولة إزالتها ، فإن أزيلت وإلا وجب الرجوع ، وفيه أحاديث : الأول : عن علي قال : ( صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء فرأى في البيت تصاوير ، فرجع [ قال : فقلت : يا رسول الله ما أرجعك بأبي أنت وأمي ؟ قال : إن في البيت سترا فيه تصاوير ، وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير ] صحيح ابن ماجه 0
الأنكحة الفاسدة : 1- نكاح الشغار ، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق . متفق عليه ، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار ، قال : والشغار أن يقول الرجل للرجل : زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي ، أو زوجني أختك وأزوجك أختي " رواه مسلم
2- نكاح المحلل : وهو أن يتزوج المطلقة ثلاثاً بعد انقضاء عدتها ، ثم يطلقها لتحل لزوجها الأول 0 وهذا النوع من الزواج كبيرة من كبائر الإثم والفواحش ، لا يجوز ، سواء شرطا ذلك في العقد ، أو اتفقا عليه قبل العقد ، أو نواه أحدهما بقلبه ، وفاعله ملعون للأحاديث الآتية :" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له " صحيح ابن ماجه 0 وقال أيضاً " ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له " صحيح ابن ماجه 0 و روى نافع عن ابن عمر أن رجلا قال له تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم قال لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها قال وإن كنا نعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحا وقال لا يزالان زانيين وإن مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يحلها " صحيح إرواء الغليل
3- نكاح المتعة : ويسمى الزواج المؤقت ، والزواج المنقطع ، وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوماً أو اسبوعاً أو شهراً ، أو غير ذلك من الآجال المعلومة 0 وهو زواج متفق على تحريمه ، وإذا انعقد يقع باطلاً ، حيث جاء في السلسلة الصحيحة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة ومن كان اعطى شيئا فلا يأخذه " 0
4- زواج العرفي : وهو زواج دون الولي - أي أن امرأة تزوج نفسها بنفسها دون إذن وليها ، قال صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " أنظر صحيح الجامع 0
هناك بعض الأمور لا بد من التنويه إليها :
1- لا يجوز التلاعب في كلمات النكاح والطلاق والرجعة لأنها حق ، لقوله صلى الله عليه وسلم " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة " صحيح الجامع
2- من أراد أن يطلق زوجته وجب أن يطلق بطلاق سني وليس بدعي ، والطلاق السني هو : أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة في طهر لم يقربها فيه مع اشهاد شهيدين ، و إلا كان طلاق بدعي لا اعتبار له ، هكذا جرت السنة ، ومن عمل بغير هذا فهو مردود ، لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد رواه البخاري ومسلم وأبو داود ولفظه من صنع أمرا على غير أمرنا فهو رد وابن ماجه وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " و جاء عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التى أمر الله أن يطلق لها النساء متفق عليه 0 وذكرنا أن يطلقها طلقة واحدة ، ليس كما يطلق البعض حيث يقول " أنت طالق بالثلاثة " فهذا طلاق محرم وتعتد طلقة واحدة لقوله تعالى{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }(البقرة: من الآية229) 0 وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل فقال : يا رسول ألا أقتله . صحيح /غاية المرام
3- الطلاق الرجعي : هو الرجل طلَّق زوجته طلقة أولى ، أو ثانية ، وتبقى في بيته ثلاث حيضات ، فخلال الحيضات الثلاث تُعَد في عدتها وله أن يجامعها ولا يلزمه عقد جديد ما دام جامعها قبل أن تنقضي العدة بالحيضة الثالثة ، وإلا لزمه عقد ومهر جديدين ، ووجب أن يشهد - أي عندما طلقها يخبر شهيدين عدلين أنه طلق زوجته ، وعندما يراجعها وذلك بجماعها يخبرهما أنني قد أرجعت زوجتي ، وتحسب عليه طلقة واحدة - وإذا مات زوجها وهي في عدة الرجعة ترثه ، وهو يرثها إذا ماتت 0
وأما طلاق الغير مدخول بها ، ولكن معقود عليها فإن الطلاق يقع عليها سواء كانت حائض أم لا ، لعدم وجود العلة - أي الحمل - 0 ولها نصف المهر إلا إذا كان عفو من قبل إحدى الطرفين لقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ }(البقرة: من الآية237) وليس عليها عدة تعتدها بها ، فعلة إستبراء الرحم منفية هنا لعدم الدخول بها ، وكذلك لو مات أحد الطرفين فليس للطرف الآخر شيء من الإرث بخلاف المدخول بها ولا زالت في عدتها كما أسلفنا ذكره 0
هذا والله ولي التوفيق
ادعو لي