من المضيعين للصلاة، العاصين لرب الأرض والسماء، تاركو الصلاة كسلاً، مع دعواهم أنهم مؤمنون بوجوبها، ولو آمنوا بوجوبها لأدوها، على الرغم من الوعيد الشديد، والتحذير الأكيد من صاحب الشريعة عن ذلك، فتارك الصلاة كسلاً الممتنع من أدائها في أوقاتها ولو أدى ذلك إلى قتله كافر كفراً مخرج عن الملة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما صح عنه صلى الله عليه وسلم:
"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر".45
"إن بين الرجل وبين الشرك"، وفي رواية: "الكفر ترك الصلاة".46
هذا بجانب إجماع الصحابة الذي ليس له مخالف، الذي حكاه عبد الله بن شقيق رحمه الله كما مرَّ.
الواجب على ولاة الأمر حكاماً ومحكومين الأمر بأداء الصلاة بعد حماية جناب التوحيد، فهذا من أوجب واجباتهم: "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وللهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ".47
لقد أمر الله عباده المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم ناراً وقودها الناس والحجارة، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"48.
وأن يأمروا من يليهم من النساء والأولاد بذلك، فقال: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا"49.
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسؤولية عامة وخاصة، فقال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير راع ، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها، وكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته".50
فمطلوب منك أيها المسلم أن تحافظ على الصلاة، وأن تأمر بها من يليك، وأن تسعى في تعليم غيرك.
قال الإمام أحمد في كتاب "الصلاة": (فاتقوا الله عباد الله في أموركم عامة، وفي صلاتكم خاصة، وأحكموها في أنفسكم، وانصحوا فيها إخوانكم، فإنها آخر دينكم، ومما وصاكم به نبيكم).
لقد بلغ من تهاون البعض بالصلاة وجهلهم بقدرها، أن من صلى الجمعة والعيدين عدوه من المصلين، ومن يجمعها كلها في نهاية اليوم عدوه من المحافظين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، إذ ليس هناك تضييع للصلاة وتهاون بها أكثر من ذلك.
حدث ذلك بسبب الجهل، وتعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغياب وظيفة الاحتساب الرسمي والطوعي، وتقصير أولياء الأمر من الوالدين، والعلماء، والحكام.
وكل ذلك بسبب الحملة التغريبية التي مارسها المستعمرون بعد القضاء على الدولة العثمانية، وما قام به إخوانهم من العلمانيين المنافقين، حيث أضحى كثير من الناشئة والشباب لا يعرفون عن الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، وأمسوا مسلمين بالهوية، قانعين بالتبعية للإسلام من غير قيام بواجب، ولا انتهاء عن محرم، مدينين بعقيدة المرجئة الذين اختزلوا الإسلام في التلفظ بالشهادتين، وجعلوا التكاليف عبثاً، وطمأنوا المنافقين، وسعوا لهدم الدين، شعروا بذلك أم لم يشعروا، فعليهم من الله ما يستحقون.